الخميس، 2 مارس 2017

الإعجاز القرآني : تعريف وقواعد

عطية مرجان ابوزر
﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾ سورة الإسراء:88
الإعجاز القرآني : تعريف وقواعد:
 لله رب العالمين والصلاة على خاتم النبيين والسلام على الأنبياء جميعهم والمرسلين المُكرمين وبعد:
بدأ الإعجاز القرآني العظيم يظهر جليا في مئات الآيات التي طالما عصيت فهما على السلف من الناس, وبات العلم المعاصر يقف منتصرا لإعجاز القرآن وشاهدا على عظمته, فبات العلم البشري الحديث مع توفر وسائل التدبر العلمي التي ساعدت كثيرا على تدبر الإعجاز العلمي الكامن سرا في القرآن الكريم بعد مضي ما يزيد على 1435 علم على تنزيله, فبات الكثير من علماء الغرب غير المسلمون الذين ينقبون عن فجوة أو خطأ أو شبهة يهاجمون من خلالها القرآن والنبي الكريم, تشكيكا في كتاب حيرهم وأحرجهم وهم يعاندون , مما نبه عدد من علماء المسلمين الذين أطلقوا العنان لأبحاث علميه عميقة وتنقيب دقيق في هذا القرآن طلبا لفهم أسراره والاهتداء بعلومه بعدما عفا الزمن على هجران هذا النوع من البحث والتنقيب وقد ألف السلف الصالح آلاف الكتب في تفسير القرآن تفسيرا لغويا ونحويا , وأخضعوا الغيبيات فيه إلى القصص المروي عن الرسول الكريم وصحابته, فاستهلك هؤلاء الأفاضل كل وسيلة وقلم لتوريث ما بعدهم من الأجيال كنوز من العلوم القرآنية, ولكن قصور الوسيلة العلمية في عهود مضت لم تمكنهم من التنقيب والتدبر الاعجازي العلمي للقرآن كما هو اليوم , فعمل العلماء المسلمون المعاصرون بأسلوب آخر فكانت صحوة مشكورة لعلماء الأمة  فان انطلاقه علم الإعجاز القرآني باتت انطلاقة قوية مشهود لها وإن كانت بعد في طور الطفولة.

 في خضم صراع مرير يقوده اليهود والنصارى ضد الإسلام والقرآن ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم , بات من واجب كل المسلمين القادرين العناية بهذا الأمر ومن المؤسف أن نجد عشرات المحطات التلفزيونية الفضائية توجه أنظار المسلمين الى سفاسف الأمور في ظل عالم المال الذي سيطر على النفوس الضعيفة فدفع بالبعض للتجارة في الدين وتسخيف قضاياه .
 بعض علماء المسلمين ممن فتح الله عليهم بات همهم الكبير تفسير وتدبر قول الله تعالى :-
"قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً" [الإسراء : 88] .

 فتدبر القرآن الكريم بات ميدانه مخاطبة العقل والعلم , وقد مضت السنوات وقراننا مهجور يتلى على أرواح الأموات , ولا يتدبره إلا قلة قليلة من الذين تفضل الله تعالى عليهم بالخصوصية, بينما لم يستكين الكثيرون من باحثي الغرب ينقبون في قرآننا عن خطأ يخدم رغبتهم في التشكيك بديننا وقراننا ونبينا.


التعريف الشرعي للإعجاز:- 
القرآن هو معجزة الإسلام التي جاء بها النبي محمد. والمعجزة هي حدث لا يمكن تفسيره حسب قوانين الطبيعة. وهذا الحدث إنما هو تحدٍ للبشر المعارضين لأمر الدعوة لإثبات صدقها وأنها من عند الله. والبشر بطبيعتهم، كلما جاءهم نبي طلبوا منه معجزة كدليل على صدق نبوته. ويذكر القرآن أن النبي محمد قد تعرض لما تعرض الأنبياء من قبله من انكار لرسالته: "وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً (7) أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَّسْحُوراً (8)
ومن حكمة الله تعالى أنه كلما أعطى رسولا معجزة كانت موافقة للمجال الذي برز فيه قوم هذا الرسول وتمكنوا منه. فقوم عيسى عليه السلام كانوا مهرة بالطب فكانت معجزة عيسى كذلك  بأنه يحيي الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص بإذن الله، كانت معجزاته تفوق قدراتهم جميعا و لا يستطيعون معها إلا الإذعان للحق الذي جاء به. كذلك كانت معجزات موسى عليه السلام تحديا لقوم تميزوا بالسحر، فجاءت معجزته مبطلة لهذا السحر، حيث كانت عصاه ثعبانا عظيما يلتقط سحرهم، وكذلك كانت معجزة كل نبي في مجال امتياز قومه.
عًرف العرب في قبل الإسلام و بعده بفصاحة اللسان، وقدرتهم العظيمة على تطويع لغة هي من أصعب لغات العالم , فقد كانوا مولعين بالفصاحة والبلاغة والشعر,فكانت لهم الملاحم و المعلقات الشعرية فجاء القرآن الكريم بلسان عربي " 
وَهَـذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ [النحل : 103] 
 "...َ أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً..
. [طه : 113] ولم يستطيع أبلغ بلغاء العرب من الوقوع على خطأ لغوي واحد فيه فكان المعجزة اللغوية الأعظم لكل ناطق بالعربية " قُرآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ [الزمر : 28]
فلما بدأت دعوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم كانت معجزته، هي كتاب فيه من البلاغة والفصاحة وجمال الأسلوب اللغوي ما عجز فطاحله العرب من الرد عليه والإتيان بمثله حتى عندما دعاهم لذلك تحديا: " وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [البقرة : 23]  وبقى هذا التحدي الى يومنا وسيبقى الى يوم الدين . انه الإعجاز القرآني العظيم.
ما معنى الإعجاز
الإعجاز : مشتق من العجز۔والعجز: الضعف أو عدم القدرة۔والإعجاز مصدره أعجز: وهو بمعنى السبق في العلم والمعرفة۔والمعجزة في اصطلاح العلماء: أمر خارق للعادة، مقرون بالتحدي۔
وإعجاز القرآن : يقصد به: إعجازه  للناس وكل الخلائق أن يأتوا بمثله.وقد تحدى القرآن المشككين بأن يأتوا بمثله أو بسورة من مثله، فعجز عن ذلك بلغاء العرب، وأذعنوا لبلاغته وبيانه وشهدوا له بالإعجاز, وما زال التحدي قائما لكل الإنس والجن.بدليل قولب الله تعالى:- ((قُل  لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً
))الإسراء آية88 وقال تعالى:((... قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ")). هود آية 13 , وقوله تعالى:- ((أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ)) يونس آية 38
وبقي ذلك التحدي قائماً، منذ ذلك الوقت ليومنا الحاضر وسيبقى قائم إلى يوم الدين,وقال العلامة ابن خلدون في الإعجاز البلاغي اللغوي للقرآن( الإعجاز تقصر الإفهام عن إدراكه وإنما يدرك بعض الشيء منهُ من كان له ذوق بمخالطة اللسان العربي وحصول ملكته، فيدرك من إعجازه على قدر ذوقه).

وكما أن الله أيد أنبياءه ورسله بالآيات المعجزات، فقد أنعم الله على رسوله محمد بمعجزات كثيرة رآها الذين عاصروه، فآمن من آمن وكفر من كفر، وترك محمد المعجزة الخالدة الباقية، كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، القرآن.وظهرت آيات بينات في إعجاز القرآن من الناحية اللغوية والبلاغية بينها الكثير من علماء اللغة قديما وحديثا وكتبوا المتون وألفوا الأسفار، ولم تزل هذه المعجزة القرآنية باقية تتحدى كل البشر على أن يأتوا بمثله

وظهرت مؤلفات إسلامية كثيرة في العصر الحالي بينت أوجه الإعجاز من الناحية العلمية وسميت بالإعجاز العلمي للقرآن لكونها تفسر الآيات من الناحية العلمية الحديثة كما يفهمها الناس الآن لكون العلم هو لغة العصر الحالي.

إن أي كلام من كلام البشر إنما يكون انعكاساً لشخصية قائلة، وعلمه ومزاجه ونفسيته، وكل كلام يحمل صفة وروح قائلة، لأنه أثر من آثاره. وقارئ القرآن المتدبر لمعانيه لا بد أن يقع في نفسه شعور بأن هذا القرآن (كلام الله) وإنه لا يمكن بحال من الأحوال أن يكون كلام بشر، والوجه ألإعجازي في هذه المسألة أن للقرآن سراً خاصاً يشعر بهِ كل من يواجه نصوصه ابتداءً قبل أن يبحث عن مواضيع الإعجاز فيها، فسلطان العبارات القرآنية تشعرهُ بمعاني الإعجاز القرآني وراء هذه العبارات والتي يدركها العقل من التعبير، وإن هنالك عنصراً ينسكب من الحس بمجرد الاستماع لهذا القرآن فإن كان غامضاً على بعض الناس الذين لا يتقنون اللغة العربية فهم يحسونه ويجعلهم يدركون بأن مصدره هو الله.
من علوم الإعجاز القرآني
التفصيل التاريخي لأحداث الرسل والأنبياء.
لقد أحتوى القرآن على تفصيل تأريخي للأنبياء والمرسلين السابقين وهو التاريخ الذي لم يكن يعرف العرب عنه شيئاً سوى الأحبار والرهبان، وكانوا على خلاف فيما بينهم، أما أمة العرب فقد كانوا أميين لا يعلمون شيئا عنه، فلما جاءهم النبي محمد بتاريخ الرسل والأنبياء مفصلاً، أعترف به الرهبان والأحبار وصدقوه فيما روى عن ربهِ واضحاً جلياً، وخرجوا من دين كانوا علماءه وتبعوا محمداً. قال تعالى:- ((تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَـذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ))هود آية 49.
الكشف عما يدور في صدور الناس ( علم النفس ) وخاصة المنافقين.
وحصل هذا في عدة مناسبات في عهد النبي محمد، ومنها حيث كان اليهود يبشرون بظهور نبي قرب زمانه يخرج من بلاد العرب، وكانوا يتهددون العرب يأتهم سيتبعونه ويقتلونهم معه قتل عاد وإرم. فلما ظهر محمد، وأقام في المدينة كان العرب المؤمنون يلقون اليهود ويذكرونهم بما كانوا يقولون من بشارات فيعترفون ويعلنون إيمانهم ثم إذا خلا بعضهم ببعض أنكر بعضهم على بعض الاعتراف بما يعلمون من أمر النبي محمد، لأن ذلك سيجعل العرب شاهدين عليهم يوم القيامة وظنا منهم إن الحساب سيكون على الشهادة فقط. فاخبر القرآن حاكياً حالهم وكشف قولهم الذي قالوه سراً بينهم، فما كذبوا ما قاله ودخل منهم جماعة في الإسلام. ونستدل على قولنا الآيتان ((وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَىَ بَعْضٍ قَالُواْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَآجُّوكُم بِهِ عِندَ رَبِّكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ. أَوَلاَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ)) البقرة آية 76-77.
الأخبار عن العلوم المستقبلية لما بعد تنل القران وعن الحقائق التي سيتوصل الإنسان إلى معرفتها:
وهو ما نسميه اليوم بالإعجاز العلمي أي إنه إخبار سابق للمحدثات العلمية في عصرنا ومن ذلك قوله:((مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ. َيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ))
الرحمن آية 19-20. وقد أكتشف الباحثون أن مياه البحار لا تمتزج مع بعضها البعض،  بل لقد وجدوا أن مياه البحر الأبيض المتوسط لا تمتزج بمياه المحيط الأطلنطي عند جبل طارق. فهناك التقاء وبينهما حاجز، ((أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا  رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ))النمل آية 61. (7)
الأخبار عن غيوب ومسائل تكون في المستقبل القريب والبعيد.
أخبر القرآن عن أحداث ستكون في المستقبل وفي عهد النبي محمد، وبعده، فجاء مرور الأيام تفسيراً لما أنبأنا به ومن أمثلة هذا: الأخبار بأن الروم ستغلب الفرس في بضع سنين أي أقل من عشر سنوات، بعد أن فرح الوثنيين الكفار في مكة بانتصار الفرس على الروم، وتأهبوا على كذب ما وعد الله في كتابه فما مرت السبع سنوات إلا وتحقق ما وعد الله: ((الم. غُلِبَتِ الرُّومُ. ِفي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ. ِفي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ. بِنَصْرِ اللَّهِ ...
)) الروم الآيات 1-5. وقد عرف العصر الحديث أن منطقة البحر الميت هي أكثر الأراضي انخفاضًا في العالم : ((في أدنى الأرض وهم من بعد غلَبهم سيغلبون)) وقد جرت المعركة الأولى بين الفرس والروم في منطقة البحر الميت ( ما يعرف بأرض أريحا – فلسطين)
السبق العلمي :-
كلمة السبق العلمي تطلق كما كلمة السبق الصحفي, ولقد حث القرآن على طلب العلم والدراسة: ((اقرأ وربك الأكرم. الذي علم بالقلم. علم الإنسان ما لم يعلم)) 
سورة العلق الآيات 3-5., الحقيقة أن القرآن ليس كتابا علميا بحتًا يجب أن  نجد فيه كل ما نشاء من الحقائق العلمية في شتى الميادين كما يتصور البعض،ولكنه ضرب الأمثلة وطلب من الإنسان أن يتدبرها فكان ههنا المقصود  بالإعجاز العلمي – التدبر في آيات الله وخلقه- ونستدل من القرآن على  السبق العلمي في قوله :((سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)) سورة فصلت آية 53. 
ولقد أصطلح العلماء على تسمية هذا السبق بالإعجاز العلمي في القرآن والسنة وهو علم حديث . و معنى الإعجاز العلمي : ـ الإعجاز العلمي هو إخبار القرآن أو السنة النبوية بحقيقة أثبتها العلم التجريبي وثبت عدم إمكانية إدراكها بالوسائل البشرية في زمن الرسول محمد مما يظهر صدقه فيما أخبر به عن ربه الله، وفق اصطلاح الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة.
وقد عرف الدكتور زغلول النجار الإعجاز العلمي للقرآن قائلا :( يُقصد به سبقه بالإشارة إلى عدد من حقائق الكون وظواهره التي لم تتمكن العلوم المكتسبة من الوصول إلى فهم شيء منها إلا بعد قرون متطاولة من تنزل القران قصص الأنبياء وتأريخ القرون 
 انفصال الأرض في علم الفلك.
لقد ثبت عند علماء الفلك حقيقة علمية أن الأرض انفصلت عما في السماء، وأختلف العلماء في طبيعة هذا الانفصال فهناك من يقول إنها انفصلت عن الشمس وآخرين لهم نظرية تقول بأنها انفصلت عن نجم آخر, وفي هذا قال القرآن: ((أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَأوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا...)) سورة الأنبياء آية 30.
الماء والحياة.
ولقد تضمنت الآية أعلاه حقيقة علمية  أخرى لا تحتاج إلى توضيح :" َ
جَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ" [الأنبياء : 30] هي أن سائل الماء شيء مهم وأساسي لوجود الحياة على كوكب الأرض، ولا يوجد حاليا سائل في الأرض يصلح أن يكون وسطا صالحا للتفاعلات الحيوية في  جسم الأحياء غير الماء، ولقد أكتشف أحد  والباحثين إن بعض الأحياء المجهرية كالبكتريا تستطيع العيش بدون هواء لفترة زمنية ولكنها لا تستطيع الاستغناء عن الماء مطلقا كما تشير الآية إلى ذلك من قبل أن يعرف البشر هذا من قبل،
الفرث والدم في علم التشريح للأنسجة.
بعد تقدم العلم واكتشاف كيفية تكون اللبن في الأنعام، وجد الباحثين أن الأنزيمات الهاضمة تحول الطعام إلى فرث يسير في الأمعاء الدقيقة حيث تمتص العروق الدموية (الخملات) المواد الغذائية الذائبة من بين الفرث فيسري الغذاء في الدم، حتى يصل إلى الغدد اللبنية وهناك تمتص الغدد اللبنية المواد اللبنية التي سيكون منها اللبن من بين الدم فيتكون اللبن، الذي أخرج من بين فرث أولا، ومن بين دم ثانيا، وذلك نص صريح تنطق به الآية في القرآن:((وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَناً خَالِصاً سَآئِغاً لِلشَّارِبِينَ
)) سورة النحل آية 66.
انخفاض نسبة الأوكسجين في الهواء عند الصعود إلى الأعلى نحو السماء.
بعد تمكن الإنسان من بلوغ السماء بالطيران بوسائل النقل الحديثة عرف أنه كلما أرتفع إلى الأعلى في الجو قل الأوكسجين والضغط الجوي، مما يسبب ضيقا شديدا في الصدور وعملية التنفس، وذلك عين ما تنطق به الآية قبل طيران الإنسان بثلاثة عشر قرنا من الزمان كما ورد في القرآن: ((فَمَن يُرِدِ  اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء
)) سورة الأنعام آية 125. والحرج هو شدة الضيق في الصدر.
الظلمات المتعددة في أعماق البحار السحيقة والأمواج التي تغشاها.
كشفت العلوم الحديثة إن في قاع البحار العميقة الكثيرة الماء (البحر اللجي) ظلمات شديدة، حتى إن المخلوقات الحية تعيش في هذه الظلمات بلا أدوات بصرية وإنما تعيش مستخدمة حواسها الأخرى كالسمع، ولا توجد هذه الظلمات الحالكة في ماء البحر الذي يحيط بالجزيرة العربية وإنما اكتشفوها في المحيطات البعيدة عنها ذات الماء الكثير (البحر اللجي)، كما أكتشف العلماء موجا بحريا داخليا يغشى البحر وهو أطول وأعرض من الموج السطحي وتم كشفه كذلك بواسطة الأقمار الصناعية، والآية القرآنية تقول:"أوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ
" سورة النور آية 40. فتكونت هذه الظلمات  نتيجة البحر العميق اللجي أولا، ثم الموج الداخلي الذي يعكس أشعة ضوء الشمس فلا يسمح لها بالنفاذ إلى الأسفل ثانيا، والموج السطحي ثالثا الذي يعكس  جزءا من الأشعة، والسحاب الذي يحجب كثيرا من أشعة الشمس فلا يسمح لها بالنفاذ إلى الأسفل رابعا، فهي ظلمات بعضها فوق بعض وأسبابها المنشئة لها بعضها فوق بعض .
مسألة أخرى تبينها هذه الآية وهي الموج البحري الذي كان الناس جميعا لا يعرفون سوى موج واحد في البحار، فالآية أعلاه تقول هنالك موجا آخر في أعماق البحار، وأكتشف الغواصون  في بداية القرن العشرين حقيقة كانت مخبوءة في أعماق البحار تلك الحقيقة التي تبين موجا آخر يقذف بالغائصين فيه كما يقذف بالسابحين عليه.

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق